هل يوجد وطن في العالم يسوده العدل التام ويعيش جميع أفراد شعبه بسعادة ويسر ووئام؟ هل توجد دولة في العالم مهما تكن غنية لا يوجد فيها فقير أو محتاج أو مظلوم؟ هل يوجد وطن في العالم جميع (وأضع عشرة خطوط تحت جميع) أفراد شعبه راضون عن جميع قرارات وقوانين حكومتهم؟
يتفاوت مستوى الظلم والعدل في جميع الدول وفق مصالح شخصية لأفراد الشعب أو سياسة الدولة وقوانين الحكومة ولكن هل يجوز أن نحارب الظلم بالظلم؟ هل نطالب بحقوقنا بالاستيلاء على حقوق الآخرين؟ ومن يطالب بحقوقه ويرفع صوته ضد حكومة بلاده مطالبا بالعدل والحوار لماذا يحرق ويدمر قريته ويتعس أفراد قريته من الشعب المظلوم (من وجهة نظره الشخصية)؟ ألستم أبطالا ورافعي شعار الشهادة فهل من واجبات أبطال القرن الحادي و العشرين ظلم أفراد الشعب وجعلهم يعانون في عز الحر والرطوبة والصيام بلا كهرباء وماء؟ هل (الشهادة) تعني في عصرنا الحالي أن نقتل أبناء شعبنا ونحرق ممتلكاتهم الشخصية (ونحن نعلم بظروف شعبنا وكثرة ديونهم وكيفية الحصول على هذه الممتلكات) ومميزاتهم العامة من كهرباء وماء وغيرهما؟ هل البطل يخجل من نفسه أو يخاف أن يعرفه الناس؟ فلماذا تحولت صورة البطل الشجاع في مملكتنا الحبيبة الى شباب ملثمين كاللصوص (حرامية) يحرقون اطارات في الشوارع ويرمون المولوتوف والحجارة على أبناء وطنهم؟ لماذا لم تسلم النساء والأطفال من احجار ومولوتوفات أبطال القرن الحادي و العشرين؟ هل ينتظرون منا أن نقف ونصفق لهم ونساندهم أو حتى نحترم قضيتهم (المزعومة) وهم يدمرون أعمدة المصابيح ومحطات الكهرباء ويجعلوننا نعاني الحر والرطوبة والعطش والجوع؟ وهم يعلمون علم اليقين ان هذه التصرفات لن تضر الا الطبقة المطحونة من الشعب (الله يخلي العلم الحديث والجنريترات حق اللي عنده يدفع).
الفساد، الظلم، الانتهازية، البطالة، الفقر، الواسطات، المحسوبيات، اسماك الهوامير الكبيرة التي تأكل الأسماك الصغيرة المسكينة، كل هذه السلبيات موجودة في كل دولة من دول العالم ولكن هل سمعتم عن أي ملك أو رئيس دولة وصلت به السماحة والغفران إلى أن يعفو عمن يشتمه ويحرق ممتلكات دولته ويعرض أبناء شعبه للقتل والحرق بل يقتل من يعمل على الحفاظ على أمن بلده؟ هل تعتقدون أن الكرم والغفران ضعف؟ يا جماعة، اتقوا شر الحليم اذا غضب فلا تستغلوا حلم وسماحة الملك في التدمير بل استغلوهما في المطالبة بحقوقكم ومطالبكم بصورة متحضرة بعيدة عن العنف، فإن جلالة الملك كان كريما عن المخطئ القاتل فكيف سيكون مع الانسان العاقل الذي يطالب بحقوقه بكل تحضر وعقلانية؟
قرأت منذ أيام تصريح رئيس جمعية الوفاق علي سلمان بخصوص عمليات القبض على المتهمين وبأنها أعادت البلاد عشر سنوات الى الوراء وشعرت بمشاعر غريبة وأخذت أردد المثل المصري الشهير (ضربني وبكى وسبقني واشتكى)، يا أخي الكريم، من الذي أعاد البلاد الى الوراء (أبطال النينجا المزيفون) أم الشرطة؟
نحن جميعا ضد الظلم والقهر بأي شكل من الأشكال ولكننا في حالة دفاع عن الوطن والنفس أيضا، فأفراد الشرطة تعرضوا للحرق والقتل أيضا وبعض المتهمين في هذه العمليات تعرضوا أيضا للظلم والقهر في طريقة القبض عليهم (سابقا) وأعتقد أن النتيجة الطبيعية ستكون عنيفة من الطرفين ولكن السؤال المهم الذي يطرح نفسه هنا هو من الذي بدأ بهذا العنف؟ ومن الذي أوصل الطرفين الى هذه النتيجة؟ ومن الذي يصعد أحداث العنف والحرق والقتل في الوقت الحالي؟ يعني تبون تحرقون وتقتلون ونقف نصفق لكم مثلا؟ أو (نطبطب على راسكم وكتفكم ونقول لكم ممكن نقبض عليكم ونتفاهم مثلا؟).
من أمن العقوبة أساء الأدب، يبدو أن المحرضين (وأبطال الننجا المزيفين) أصابهم الغرور وصدقوا أنهم يدافعون عن الوطن ويطالبون بحقوق الشعب ويحاربون الفساد والظلم لأنهم فهموا كرم وغفران جلالة الملك بطريقة خاطئة جدا، لذلك نطالب بمحاكمة علنية بشرط أن تكون عادلة وحافظة لحقوق جميع الأطراف وبعقوبة شديدة لا غفران فيها أبدا لكي يتعظ غيرهم من الشباب، ويفكروا ألف مرة قبل أن يرفعوا حجرا في وجه أبناء شعبهم أو يحرقوا ممتلكات الدولة التي يستفيد منها أهلهم أولا وأبناء شعبهم ثانيا.
نعم، نعم، نحب هوى الديرة، لو كانت صغيرة محفورة وسط القلب، نعم، نعم، من دون أي حيرة نفدي هوى الديرة بالمال أو بالدم.
[b]
