على الرغم من حالة الصعود التي شهدتها العديد من الأسواق الناشئة خلال الفترة الماضية، حيث ارتفعت أسواق الأسهم في البرازيل والهند وتركيا وبولندا بمعدل يزيد على 13% خلال الشهر الماضي، فإن خبراء عالميين نصحوا المستثمرين في الأسواق الناشئة بضرورة توخي الحذر خلال الفترة المقبلة، لأنه من المتوقع أن يعوق التضخم قدرة البرازيل وروسيا والهند على النمو، لأنه سيتم إجبار بنوكها المركزية على فرض إجراءات صارمة على عرض النقود.
واختلفت مجموعة من الذين استطلعت آراءهم (وكالة الصحافة العربية) في السوق المصرية على إمكانية تفوق الأسواق الناشئة على نظيراتها العالمية خلال المرحلة المقبلة، حيث ارجع الفريق الرافض تفوقها إلى أن أسواق المال بدأت تنتعش في دول منطقة اليورو، وخاصة في اليونان وإسبانيا، فضلاً عن الأسواق الناشئة التي ربما تتضرر بشدة مثل المتقدمة مستقبلاً، إذا استمر تقلب الأوضاع الاقتصادية، وارتفاع معدلات البطالة.
أما الفريق المؤيد لاستمرار تفوق الأسواق الناشئة على المتقدمة، فبرر موقفه بأنه مازال الكثير من الأسواق المتقدمة لديه عجز في ميزانياتها، وتدني نسب الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي ومن ثم تغير الوضع تماماً بين العالم المتقدم والنامي، بعد أن أصبحت البلدان النامية هي التي لديها عجوزات منخفضة في ميزانياتها، وكذا الديون المنخفضة، ومن ثم قام المستثمرون بتحويل مليارات الدولارات من صناديق أسواق المال الأمريكية منذ بلغت الأزمة المالية ذروتها، وباتوا يفضلون سندات الشركات وأسهم الأسواق الناشئة.
ويقول مدير شركة تي ام تي للاستشارات المالية أحمد زينهم: إنه على الرغم من التفوق الذي شهدته الأسواق الناشئة مؤخراً فإنه من المتوقع أن يعوق التضخم قدرة دول البريك على النمو، لأنه يتم إجبار بنوكها المركزية على فرض إجراءات صارمة على عرض النقود، فضلاً عن عدم القدرة على استيعاب التدفقات الداخلة التي ذهبت إليها بكثرة في الفترة الأخيرة، لأن الكثير من البلدان الناشئة ليست لديها القدرة على امتصاص هذه التدفقات الداخلة، الأمر الذي يشير إلى أن هذه الأموال في الغالب ما تنتهي في الأسهم أو العقارات، ومن ثم حدوث فقاعات فيهما، وزيادة الضغوط التضخمية، وهذه المشكلة عكس أزمة اليونان والبلدان الأخرى في منطقة اليورو، ومن الممكن أن تكون بدرجة خطورة السيولة التي تدفقت على العالم المتقدم، حيث تعد أهم الأسباب التي أدت إلى اندلاع الأزمة المالية العالمية.
ويشدد على ضرورة معالجة ارتفاع التدفقات الرأسمالية لدى تلك الأسواق، والذي انتشر في الفترة الأخيرة، عبر تعميق وتوسيع أسواق رأس المال، فبعض الدول المستقبلة للسيولة النقدية قد يكون لديها فائض في حسابها الجاري بسبب ارتفاع المدخرات المحلية، ومن ثم يتعين عليها مساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، لتمكينها من أن تصبح قوة محركة لنمو معدلات التوظيف الكبرى فيها، والحاجة إلى تعميق وتوسيع أسواق الأوراق المالية، وهي من الأمور المهمة، إلا أن تطبيقها سيستغرق بعض الوقت.
من جهته، لفت مدير صناديق الأسهم بشركة الأهلي لإدارة صناديق الاستثمار كريم عبدالعزيز إلى أننا نشاهد أن الأسواق المالية ترتفع معا وتهبط معا، وعلى المستثمر الذي يستثمر في الأسواق الناشئة في الفترة الحالية أن يفهم أن استثماراته قد تتضرر على المدى القريب، فأسواق المال تتأثر ببعضها البعض، لأن العالم أصبح مثل القرية الصغيرة.
وأشار خبير أسواق المال د. أحمد جلال، إلى أنه عندما ينظر المستثمرون للمستقبل يرون أن للأسواق الناشئة مزايا عديدة تميزها عن الأخرى المتقدمة، ولعل أوضحها يتمثل في ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي المحتملة، فضلا عن أن العديد منها لديه مراكز مالية أقوى، فهي الدائنة التي تمول عجز الميزانية الأمريكية، موضحا أن موازين القوى تغيرت بالفعل. [b]