لا أظن أن أي عقل سويّ (وأكرّر سويّ)، يريد للبحرين أن تعيش في دوامة مستمرة من العنف. كما لا أظن أن أي إنسان يعرف معنى الوطنية والوطن، يرضى بأن يكون الوطن ومن يعيش عليه، رهناً بتصرفات عشرات الأشخاص (محرضين ومغرّر بهم)، لا يرقبون في مؤمن إلاّ ولا ذمة!
بعدما حدث، طفقت أراقب خطابات رموز وقادة الطائفة الكريمة، الدينيين منهم والسياسيين، بدءًا من رجل الدين السيد عبدالله الغريفي وصولا إلى الشيخ علي سلمان، فما وجدتها ترقى لخطورة الوضع الحاصل، وإنما هي بمثابة التخلّي عن المسئولية التاريخية في حماية الوطن أولا، ومن ثم في حماية أبناء الطائفة، من شرذمة تريد جرّنا لحرب أهلية، لا يمكن الصمت عنها.
الكلام الذي قيل من جميع تلك الأطراف، سمعناه في المرات السابقة عشرات المرات، وهو بالتأكيد يتخلّى عن أي مسئولية، ويقول نحن نراهن على سعة صدر عاهل البلاد، وندعو إلى الحوار للخروج من تلك الأزمة؟! (طيّب، وبعدين)؟!
سيخرج أولئك، وتعود "حليمة لعادتها القديمة"، والسبب أنّ من يقوم بالتحريض جسد بأربعة وجوه، ومن يأتمر بأمرهم، أطفال لم يبلغوا الحلُم؟!
بالضبط (كالفزورة) التي نحفظها منذ الصغر: "بطّتنا بطّت بطن بطّتكم.. تقدر بطّتكم تبط بطن بطّتنا.. مثل ما بطّتنا بطّت بطن بطّتكم..!!".
ما يقوله أولئك الرموز مع تقديرنا واحترامنا لهم: إذا حرّقوا لا تقبضوا عليهم.. بل حاوروهم، تسألهم الدولة: نحاور من؟ يجيبون: هم أبدا غير متفقين بينهم ولكل واحد منهم طريقه السياسي الخاص (كما قال ذلك الشيخ علي سلمان في نفي وجود مخطّط يجمع المقبوض عليهم)! لكن لا تقبضوا عليهم وحاوروهم!!
بمعنى آخر؛ على الدولة أن تتفرّغ لمحاورة الأطفال الذين يقومون بالحرق في الشوارع مثلا!!
تفكير أولئك جميعا، له طريقين لا ثالث لهما، إمّا أن يترك الحبل على الغارب، وإمّا أن نخرج من البلد، ليلهو بها ذلك الجسد المشوّه ذو الوجوه الأربعة والأطفال الذين يلعبون بحياة الناس في الشوارع!!
هل يُعقل، أن يخرج علينا من يتحدّث عن السكان الأصليين، وحكاية الأغلبية، وليس هناك من أحد يستطيع تحمّل مسئولية أولئك جميعا، وكبح جماح من يُجرم يومياً بحقّ الوطن!!
ألا تستطيع طائفة كريمة بكامل رجالها ورموزها، حماية نفسها ممّن يمارس الإرهاب بحقّ الدولة والمواطنين ليل نهار؟!
ما ذنب أهالي القرى الآمنين الذين يريدون العيش بسلام، وهم يعيشون ذلك الكابوس كل لحظة!!
أي حوار، يجب أن يكون بين جهات معلومة، وعلى أسس مفهومة، لكن ليس بين جهات مجهولة، الجميع يتبرّأ منها، تستمتع بالحرق والتخريب وتدمير البلد بمن فيه.
أقولها للتاريخ، لا تكرّروا فشلكم في قراءة ما يحدث على الساحة، بصورة وطنية ودينية، ولا تغلّبوا العاطفة، لأنّها قد تعصف بالمرء، وتلقي به إلى المهالك!!
[b]