منتدى الشلة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

حياكم الله في منتدى الشلة


    مجالسنا ومجالسهم في الماضي والحاضر

    بوكشة
    بوكشة
    المدير
    المدير


    عدد المساهمات : 124
    نقاط : 556
    تاريخ التسجيل : 23/08/2010

    مجالسنا ومجالسهم في الماضي والحاضر Empty مجالسنا ومجالسهم في الماضي والحاضر

    مُساهمة  بوكشة الأربعاء أغسطس 25, 2010 7:46 am


    رحم الله أيام زمان ورحم الله اهله ورجالاته وكيف كانت نفوسهم ومجالسهم وعاداتهم وتقاليدهم خصوصا خلال شهر رمضان المبارك، لقد تبدل وتغير كل شيء في زماننا اليوم فسبحان الذي يغير ولا يتغير.
    ثم يبقى لنا شيء من تلك السيرة العطرة والعادات الطيبة لأولئك الرجال وزمانهم الجميل والتي جبلوا عليها وورثوها عن اب وجد لم تبق من تلك العادات والتقاليد سوى الذكريات وسوالف الماضي التي طالما رددناها من وقت الى آخر لأن في ترديدها نشعر في اعماق انفسنا بشيء من الغبطة والسعادة انها سنون الماضي لقد اهتموا رجالات ذلك الزمن بهذا الشهر وعرفوا طريقه وسلكوه ومشوا على دربه زادهم ايمانهم بالله القوي نحو خالقهم وقدسية هذا الشهر لديهم، نعم لم يبق من ذلك الزمان اليوم الا ترديد ايامه ولياليه التي جمعت بين الحلوة والمرة، وها نحن نعيد ما شاهدناه او سمعناه من عادات وتقاليد كانت سائدة في ذلك الزمن الماضي الجميل نتذكرها ونذكرها للأجيال الحاضرة لعلهم يجدون فيها شيئا من الدروس والعبر.
    كانت استعدادات قدوم شهر رمضان تبدأ عادة من اول شهر شعبان بل إن بعض الاهالي يبالغ في استعداداته ويبدأ ترتيباته من منتصف شهر رجب كانت تلك الاستعدادات والترتيبات تجري على قدم وساق وبخطوات ثابتة ومتأنية.
    ومن مظاهر تلك الاستعدادات انك ترى بعض الفرجان تحولت الى حركة دائمة تجري في كل زاوية من تلك الفرجان وكأنها خلية نحل. دكاكة الحب (القمح) اخذوا زاوية من البيوت وبدأوا يتناوبون في دكاكه، بينما بعض الاهالي استعانوا "بالرحى" في بيوتهم لنفس الغرض كل شيء في البيت يجب ان يتغير او يتجدد اليس هذا القادم هو شهر رمضان. "الصفّار" نجده مشغولا عند باب البيت وحوله مجموعة من اواني المطبخ مثل الجدور والصفاري وغيرها وهو يقوم بمهمته في تصفيرها وتلميعها. تعالوا ندخل احد دهاليز البيوت لنشاهد النداف (مضرب القطن) وهو يقوم بتجديد مجموعة من افوش والدواشك والمساند بينما قيثارته في يده تنشر القطن في دهليز البيت.
    ليس هذا كل شيء فالصحن الصيني المكسور لا يرمى في المزبلة كما يرمى اليوم المئات منه، كانت مثل هذه الصحون في البيوت قليلة ومحدودة العدد وخصوصا صحون "الكاب" ذات الحجم الكبير والواسع. إذا لا بد من استدعاء (المجنّي) ليقوم بلحام وايصال قطع الصحن المكسورة ليعيده الى حالته الطبيعية بتلك الطريقة البدائية القديمة وكل ادواته هي: خيط حيصي، او اسلاك نحاس دقيقة، دهن حار، نشأ مع بياض البيض، وكل ذلك يتم بعد ان يخرق ثقوبا في الصحن.
    تعالوا ايضا لنرى هناك في وسط البيت وقد جمعوا النسوة المديد (امداد) والحصر والبسط واخذوهم الى البحر لغسلهم اكراما وترحيبا لقدوم هذا الضيف الكريم انه رمضان لعلهم ينالون الاجر والثواب ومن نفحاته الخير والبركات ثم تستمر عملية التنظيف والاعداد لهذا الشهر لنشاهد بعض بنات الحي والصبية وهم يقومون بتنظيف وتلميع "غواري" الشاي ودلال القهوة وبعض الاواني الاخرى مثل المباخر الخاصة بالمجالس وهكذا كانت تجري الاستعدادات والترتيبات طوال الشهر او اكثر لاستقبال هذا الشهر الفضيل من دون ان تجد على وجوه الناس التذمر او التضجر او حتى الملل من عناء انشغالهم الدائم لاعداد كل شيء مطلوب توفيره لرمضان. كانوا يقومون بتلك المهام والواجبات بسعة صدر وفرح وسعادة والابتسامات لا تفارق وجوههم.
    ثم نصل بكم الآن الى الحديث عن المجالس مجالس ايام زمان وليست مجالس اليوم حيث المظاهر والبذخ والاسراف الزائد والسبب ان مجالسهم بالامس كانت طوال أشهر السنة مفترحة للقاصي والداني وخصوصا ضيوف البحرين وليست في شهر رمضان فقط، كانت تعد اعدادا جيدا قبل حلول هذا الشهر من تنظيفات عامة منها صبغ المجلس اذا لزم الامر، كذلك تنظيف او تبديل المديد والسجاد والدواشك والمساند مع تعليق الفنارة من الحجم الكبير والتي كانت تجلب من الهند وتشغل عن طريق الكيروسين، ثم تترك زاوية من المجلس (للدراس) - تلاوة للقرآن الكريم.
    تعالوا نسمع الآن بماذا كانوا يتحدثون في تلك المجالس، وكانت اغلب احاديثهم عن شئون الغوص ومبيعات اللؤلؤ واحوال الناس وتجاره وحالة الاسواق ومن سافر ومن وصل.. إلخ، وعن اخبار الحرب العالمية الثانية الدائرة رحاها آنذاك، وغيرها من السوالف الخفيفة بجانب طبعا الاحاديث الدينية.
    وكان لدى رجالات ذلك الزمن الماضي خصال وصفات طيبة، فما ان يسمعوا عن شخص عزيز عليهم حتى يسارعون الى زيارته، وليس هذا كل شيء بل ان بعضهم يعرض على المريض وبطريقة لا يشعر بها احد مساعدته في حالة احتياجه لأي شيء من متطلبات العلاج او الاحتياجات الاخرى.
    شيم وكرم وجود واياد بيضاء تجدها ممدودة وخصوصا في احلك الايام وفي المواقف الحرجة او العسرة، وكان الترابط والتواصل والصداقات المتينة المبنية على اسس قوية صلبة هي من اهم مبادئ اولئك الرجال فيما بينهم.
    يقول الاخ العزيز عيسى بن مبارك الكبيسي إن بعض اصحاب مجالس رمضان اعتاد ان يكلف احد الاشخاص ليقف أمام مدخل المجلس ويدعو كل من يمر من امام المجلس للمشاركة في تناول الفطور مع بقية الحاضرين او المدعوين، اما اليوم فإن الكل (منخش) في بيته بل حتى الجار لا يرى جاره، سبحان مغير الاحوال. عادات وتقاليد طيبة ونفوس كلها اخلاص ووفاء ومحبة.
    نسيت ان اذكر لكم ان رواد المجالس في شهر رمضان خصوصا كبار القوم والسن لا يمكثون في المجلس طويلا كما هو متبع اليوم بل انها سويعات ربما حتى الساعة الرابعة بالتوقيت العربي كأقصى وقت يقضونه ثم ينفض المجلس بينما يستمر (الدراس) في تلاوة القرآن حتى السحور، يتلون آيات من القرآن الكريم ليزيدوا من الختمات والبركات في هذا الشهر الكريم، تعالوا نجول في شوارع وطرقات بل ودواعيس المحرق وقد امتلأت بالاطفال وهم يمارسون مختلف الالعاب الشعبية بينما هناك مجموعات كبيرة من الرجال الكبار والشباب وقد فضلوا قضاء الوقت من ليالي رمضان على الاسياف حيث الرمال الناعمة وامواج البحر تتلألأ بضوء القمر، بينما البعض الآخر اتجه الى المقاهي التي كانت هي الاخرى منتشرة في فرجان واسواق المحرق حيث محلات شراب النامليت والنخي والباجلة وكذلك محلات العسلية منتشرة ايضا حول المقاهي.
    كانت مظاهر الفرح والسرور كأنها مطبوعة على وجوه الناس، ولكن لكل شيء نهاية وهو ما ان تصل ايام رمضان الى نهايتها حتى تشاهد بعض الناس وخصوصا كبار السن منهم وقد ارتسمت على وجوههم الكآبة والحزن لفراق رمضان كان منظرا حزينا ومؤثرا وانت تشاهد بعض النسوة الكبار وحتى الرجال وقد انخرطوا في بكاء مستمر وخصوصا عندما تتسارع الايام وينتهي كل شيء من ايام شهر رمضان وتنتهي معها تلك المظاهر والافراح وتتوقف حركة الناس وتتوقف عندها ايضا الصواني والصحون المملوءة بخيرات شهر رمضان وهي تنتقل من بيت الى آخر، بينما لا أحد (يطك) بابك الا القليل والقريب.كانت ايام زهوة ربيه من تلك السنين الماضية والزمن الحلو الجميل هكذا كانت ايام وليالي رمضان في الازمنة الغابرة كل شيء ولى واختفى وانطوت صفحاته ولم تبق - كما قلت - سوى ذكرياته ولكننا نعود ونقول إن هذه هي سنة الحياة والكون والدائم هو الله سبحانه وتعالى مسير الكون والحياة على هذه الارض الواسعة.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 3:36 am